ساعة الحائط في مكتبي تشير إلى الحادية عشرة صباحاً ولم يتبقى لاجتماع أعضاء مجلسنا سوى ساعة واحدة وأنا أضرب بالقلم مراراً على طاولة المكتب وتخبط بي أفكاري البناءة خبطاً! أني أفكر بإستراتيجية تخلص الوطن من وعكاته الصحية ! وبما أني أتحكم بمن هم ضمن القانون و الخارجين عنه أيضاً , فهذا يعني أن لا أكتفي بإتباع الأساليب القانونية بالحلول بل سأتعدى على الأساليب الغير قانونية في هذة المِحن !
يحق لي أن أجرب كل شئ كي أفهم كل ما يدور حولي و أكون قادراً على الجلوس ولف رجلي اليسرى فوق اليمنى , لتقييم مجريات الأوضاع و التصرف وفقها, كما هذة أن الأستراتيجية التي خرجت بها ممنوعة على الآخرين لأني لا أثق ما إذا كانوا قادرين على السيطرة على أنفسهم عند الولوج بهذة الأساليب و الخروج منها كما يجب دون ضرر ,عدا من أجد فيهم صفات مناسبة تقنعي بالترحيب والسماح لهم فلكل قاعدة شواذها !
إن أمهر القارارت النظامية لا تأتي إلا بتصرفات شذوذية.
فالعلاقة بينهما عكسية ولها نفس قوة التأثير , إذن الفعل الشاذ هو المحرض الفعال لقرار الأبطال ! على كل حال أريد أن ارضي نفسي قبيل الإجتماع لاتخذ قرارت مناسبة خلاله , فلعابي الآن يستفيض على وجبة شاذة كاملة الدسم.
أهب مسرعاً إلى باب مكتبي أعلق عليه لافتة خارجية كتبت عليها ( نحن في عمل شاق جداً من أجل الوطن لذا ممنوع الإزعاج تحت طائلة المسؤولية )
بعدها أقفل الباب و أقفز باتجاه المكتبة أطرح أرضاً كل معاملات حقوق الإنسان الموجودة فيها و أشرع بالبحث عن شهوة جديدة مختبئة عني لم اجربها من قبل و أقلب بالمعاملات فلا أجد سوى قضايا تظلم المواطنين و مشاريع وطنية فاسدة ومطالبات بإصلاح و محاسبة و إقتراحات تنمية وطنية , أشعر بالضجر من هذا وأرميها كلها دفعة واحدة, و أنبطح غاضباً تحت طاولة مكتبي أفتش عن ضالتي هناك وهناك دون جدوى !
وجدتها أخيراً في بالي (كبسة بالحصان و الموز ! )
أفتُتحَ اجتماع المجلس وكنت فيه رائق الذهن مستمتعاً في بالغ الإرتخاء و مستعداً لاتخاذ أذكى قرار نظامي حكومي وعندما جاء دوري قررت ما يلي (إخصاء) الموارد البشرية الشبابية المؤهلة الفعالة من الوظائف الإدارية الكبيرة الحساسة و (إخصاء) ذوي الهمم و الكفاءات و الضمائر النشطة و العقول المتطورة من المناصب العُليا .
وعليه يترتب على كل ( مخصي )بدل وظيفي بمرتبة أقل من السابقة ,وسيجري تعويض ذوي المناصب الكبيرة بمناصب صغيرة محدودة التأثير , فنحن إذ لا نتخلى عن خدمة موظفينا أبداً و في أحلك الظروف نوفر لهم البدائل وعليهم أن يقدروا مدى تعاوننا معهم , وذلك عملاً بالمثل المفضل لدي (أخصيه كي يقدر قيمة أنفه المهمل ) , لقد اتخذت هذة القرارات النظامية لضمان استقرار وطننا وتعبأة الأماكن الثانوية المهملة لأنها قد تحوي بؤرة فساد , كما لا نرغب باقتراحات متطورة من قبل البعض الذين يدعون حبهم لمصلحة الوطن ويفتحون علينا أبواب نحن بالغنى عنها حالياً حيث أننا ننعم بالراحة ,هؤلاء من ستُطبق عليهم تلك القرارات . كما سيتم تبديل أمكنة الموظفين بكافة مستوياتهم وتشتيتهم على مختلف المناطق بحيث من كان يعمل في الشمال سيُنقل للمنطقة الغربية ومن يعمل بالشرقية يتوجه مرغماً مشكوراً إلى المنطقة الجنوبية , وذلك إنما إنطلاقاً من حرصنا على مصلحة الوطن و المواطن ومنعاً من تشكل نتوءات حزبية و تجمعات أمعاء غليظة منبثقة من قاعدة الجهة السفلية الغير أخلاقية انتهى .
كان هناك أعضاء مخالفون لقراراتي في المجلس وددتُ لو أن أطرحهم على كبستي ! ولكني كنت مسترخياً أجلس على المجلس ! أعضعض شاربي .
في المساء أحتفل في النادي أنا والرفاق حيث تبلغ خلايا القاعدة السفلية التي تصبح أخلاقية في هذا الوقت أعلى معدلاتها في النشاط وسط قهقاتنا ! فالاسيتراد و التصدير مسموح به من كافة الجهات وبدون جمرك ندم ! يتعملق فيني جنون التخمة و أتعهد مختالاً على من ينتقص مني مُعيباً بأن أقذفه بجزمة و أتبعه بلكمة ! مهما فعلت ستبقى صورتي في القمة ! أنا من خدم مصالح الأمة ! وسط تصفيق وتصفير الجميع . أهرول لأعض اللحمة و ألعـق العظمة و أصعد على صينية الكبسة و اتزحلق عليها بالسمنة و أتمرغ كثيراً بالدُهنة و انزلق نحو الظلم بعناق عميق وأرقص معه رقصة (الفالس) و أمتطي كافة الملذات الشاذة مع رفاقي إلى أن يطوف سائل الشبع ويُغرق كل الأحصنة ! أما صحن الكبسة الذي تَحمل وزناً ثقيلاً يرتجف بفعل اهتزازاتنا العنيفة المتكررة , فينقلب فجأة كل الصحن فوق رؤوسِنا , و تصمت الضجة كلياً !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق